فى ذكرى رحيل أشهر عميل مزدوج خدع المخابرات الإسرائيلية.. من هو أحمد الهوان؟
فى ذكرى رحيل أشهر عميل مزدوج خدع المخابرات الإسرائيلية.. من هو أحمد الهوان؟
تحل اليوم ذكرى رحيل "احمد محمد عبد الرحمن الهوان"، أو الشهير بـ"جمعة الشوان"، واحدًا من أشهر من تلاعبوا بجهاز المخابرات الإسرائيلية فى فترة الصراع المصرى الإسرائيلى، حيث شهد على أسرار عديدة فى الغرف المغلقة لتلك الفترة، رحل عن عالمنا في مطلع نوفمبر عام 2011، تاركًا خلفه اسمًا حفره بحروف من نور في سجلات البطولات المصرية فترة الحرب، ومسجلًا اسمه على ألسنة المصريين عند سردهم لبطولات المصريين فترة الحرب حتى الآن.
اشتهر أحمد الهوان باسم جمعة الشوان بعد كتابة مسلسل "دموع في عيون وقحة"، الذى جسد شخصيته الزعيم عادل إمام، ولد أحمد الهوان فى مدينة السويس، 6 أغسطس عام 1939 م، وكان والده صعيدًا، ووالدته من محافظة السويس، وكان ترتيبه الخامس بين 10 أطفال من أبيه وأمه.
التحق أحمد الهوان بالمدرسة الإلزامية بعد الكتاب، ثم دخل مدرسة الأقباط ثم بعد ذلك مدرسة فؤاد الأول، ليترك الدراسة فيما بعد ويساعد والده في محل البقالة حاصلًا على نصف قرش أو تعريفة على مجهوده.
عشق أحمد الهوان في شبابه العمل بالبحر، وعمل كمساعد لرئيس فلوكة بشراع بحرى، ولأنه كان يختلط بالعديد من الجنسيات التي تعبر قناة السويس تمكن الهوان من إجادة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واليونانية والألمانية، كما عمل كبائع لبعض المنتجات على السفن الأجنبية.
حبه الوحيد كانت "فاطمة"، التي تزوج منها وانجب منها ولديه محمد ومها، ولكن بعد 17 عام من الزواج انفصلا، بسبب علمها بعلاقته باخرى أثناء عمله لدى المخابرات الإسرائيلية، في عام 1967 كان يمتلك أحمد الهوان شركات سياحيتين، وذلك في فترة ما قبل نكسة 5 يونيو عام 1967، ولكن بعد تهجير سكان مدن القناة إلى محافظات الدلتا، اتخذ أحمد الهوان لنفسه شقة في منطقة التوفيقية بوسط القاهرة ليعيش بها.
ضاق به الحال كثيرًا في القاهرة، فسافر إلى أثينا بتذكرة سفر بالبحر بـ10 جنيهات مصرية، وعرض عليه القبطان العمل معه كضابط إداري على مركب بحري براتب 180 جنيهًا إسترلينيًا غير الحوافز، ولم يكن أمامه غير الموافقة فسافر معه إلى العديد من البلدان الأوروبية.
خلال محاولة الموساد الإسرائيلى إغراءه بالعمل معهم، تعرف على الإسرائيلية "جوجو"، وأحبها كثيرًا، حيث طلب منه الموساد أن يتولى رئاسة فرع شركة للحديد والصلب وافتتاح مكتب لها في مصر في عمارة الإيموبيليا بشارع شريف مقابل 185 ألف دولار، وأمروه بزيارة القناة ومنطقة البحيرات المرة ومعرفة ما يجري فيها حيث توجد 13 سفينة أجنبية محجوزة بسبب إغلاق القناة، بدعوى أنهم سيشترونها عندما تعرض في المزاد كخردة بعد فتح القناة.
ولكن طوال رحلة عودته للقاهرة شك جمعة الشوان في من قابلهم لأن الأسماء يهودية، فتوجه إلى مبنى المخابرات وطلب مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر، فحجزوه يومين، ثم ذهب إليه في بيته في منشية البكري، وسلمه الـ185 ألف دولار، وروى له ما حدث، فأرسله لرجال المخابرات الذين طلبوا منه تنفيذ توجيهات الموساد.
كان أحمد الهوان يمد الموساد بمعلومات حقيقية لأماكن وهمية خاصة بقواعد الصواريخ، وتعلم في مدينة ليل الفرنسية الاستقبال بالراديو والحبر السري وجمع المعلومات عن الجيش والرأي العام.
بعد هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر، وبعد مرور 9 أيام فقط أرسلت الموساد رسالة له تقول: "احضر للبيت فورًا"، أي تل أبيب، وعندما رفض أصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات على سفره، قائلا: مصر إذا احتاجتك يا أحمد ضع رأسك في خدمتها ولو تحت عجلات تروماي لأن مصر أهم منا كلنا.
عاد من تل أبيب بعد 17 يومًا من سفره وكان يخشى إعدامه، فقدم للقاهرة ومعه أحدث جهاز إرسال واستقبال او ما يعرف بـ"البطة السمينة"، القادر على إرسال الرسالة من القاهرة لتل أبيب في 6 ثوان فقط.
في عام 1972، أصبح لدى جمعة الشوان جواز سفر إسرائيلي باسم يعقوب منصور، سكرتير أول سفارة إسرائيل في روما، زار به 53 دولة، وجنّد جوجو ديفيدز لصالح المخابرات، ثم قدم بها من إيطاليا إلى القاهرة، وفي الأزهر أعلنت إسلامها وصار اسمها «فاطمة الزهراء» وتزوجت وأنجبت لاحقاً ثلاثة أبناء، وتقيم في مصر، بعدما قدمت خدمات جليلة لمصر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي وعن الموساد وعن مفاعل ديمونة الذري قبل حرب 1973، وكرمتها مصر دون إعلان مكانها.
في مطلع شهر نوفمبر عام 2011 توفى أحمد الهوان في مستشفى وادى النيل، تاركًا خلفه تاريخًا مليئًا بالحكايات التي لن تنتهى روايتها خلال السنوات القادمة.