كورونا يهدد بإنقسام دول الاتحاد الأوربى ويقضى على الشينجن .. بعد رفع شعار أنا ومن بعدى الطوفان

كتب : ناصر عبدالرحيم
الخميس 02 إبريل 2020 - 09:57 ص

كورونا يهدد بإنقسام دول الاتحاد الأوربى ويقضى على الشينجن .. بعد رفع شعار أنا ومن بعدى الطوفان
الصورة : الاتحاد الأوروبي يعقد قمة عبر الفيديو لدراسة مواجهة تداعيات كورونا (26 مارس)الصورة : الاتحاد الأوروبي يعقد قمة عبر الفيديو لدراسة مواجهة تداعيات كورونا (26 مارس)

تجتاح العالم أزمة شديدة غير مسبوقة منذ مايقرب من 100 عام, تأثرت بها دول كبرى عامة منها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وعلى وجه الخصوص دول أوروبية كبرى مثل إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا ,  فقد حصد الفيروس اللعين أرواح 29 ألف و 857 وأصاب 379 ألف و 136 فى هذه الدول الخمس حتى كتابة هذه السطور ,
وتعاملت دول الاتحاد الأوربى بمبدأ أنا ومن بعدى الطوفان , فقد أثبتت الأيام الماضية أن كل دولة هناك تعمل على إغاثة مواطنيها ولم تبادر دولة بمساعدة الأخرى , وقد يرجع ذلك لعدة أسباب قد يكون منها إنتشار الوباء سريعاً بين دول الاتحاد , فضلاً عن عدم الاستعدادات الطبية الكافية لمواجهة هذا فيروس كورونا المستجد كوفيد – 19 ..
ويرى الخبراء السياسيين أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يلبي طلبات جميع الدول الأعضاء خصوصاً الأكثر تضرراً، لأن الأزمة أكبر بكثير من حجم الاتحاد تقنياً واقتصادياً، وثانياً أن جميع الدول الأعضاء تعاني من نقص حاد على المستوى الصحي ولم يسعف الوقت الاتحاد للوصول إلى توافق أو إجماع حول آلية المساعد وبناء استراتيجية تصدي للفايروس، لهذا ترك الباب مفتوحاً للدول الأعضاء في كيفية بناء آلية للتصدي للفايروس كل حسب إمكانياته.
و لم يقف الأمر عند حد الخسائر البشرية أو الاقتصادية، ولكن كوفيد - 19 يهدد أيضاً استمرارية كيان بحجم الاتحاد الأوروبي، ذلك أن عدداً من الممارسات والقرارات التي اتخذتها عدة دول ألقت بظلالٍ من الشك على مدى جدوى استمرار هذا التكتل.
سطو مقنن
استخدمت أكثر من دولة أوروبية - إلى جانب الولايات المتحدة – تعبير "حالة الحرب" في مواجهة تفشي فيروس كورونا. لكن يبدو أن هذا التعبير كان له من الوقع السيئ على أرض الواقع ..
ففي سابقة خطيرة صادرت جمهورية التشيك شحنة من المساعدات الطبية والأقنعة الواقية كانت قادمة من الصين في طريقها إلى إيطاليا. تقول حكومة التشيك إن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج وتعهد برد الشحنة لإيطاليا، وهو ما لم يحدث  حتى الآن.
أما ألمانيا فقررت حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج. وأعلنت لجنة إدارة الأزمات التابعة للحكومة أن وزارة الصحة الاتحادية ستتولى تدبير هذه المستلزمات على نحو مركزي بالنسبة للعيادات الطبية والمستشفيات والسلطات الاتحادية. وسيُجرى استثناء ذلك فقط تحت شروط ضيقة، مثل التصدير في إطار حملات إغاثة دولية.

دلالات عميقة  .. الرئيس الصربى يقبل علم الصين!!
وعلى خلفية "تباطؤ" دول الاتحاد في دعم دولة مثل إيطاليا ظهرت أربعة مشاهد ذات دلالات عميقة؛

الأول كان مشهد المدرعات والعربات الروسية التي تجوب شوارع إيطاليا حاملة على متنها مساعدات وأطقم طبية
والثاني هو مشهد الأطباء الكوبيين الذين وصلوا إلى إيطاليا أيضاً والترحيب الهائل الذي قوبل به أطباء الدولة التي تفرض أمريكا عليها حظراً منذ عقود،
والثالث هو مشهد تقبيل الرئيس الصربي لعلم الصين اعترافاً منه بدعمها ومساندتها لبلاده
والرابع هو مشهد إنزال مواطن إيطالي لعلم الاتحاد الأوروبي ورفع علم الصين بدلاً منه

صحف إيطاليا وقبادات سياسية تهاجم الاتحاد الاوربى
و شنت الصحف الإيطالية هجوماً عنيفاً على الاتحاد الأوروبي غداة قرار بإرجاء اعتماد تدابير قوية في مواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا المستجد.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي هدد خلال القمة التي نظمت عبر الفيديو بعدم التوقيع على الإعلان المشترك في حال لم يعتمد الاتحاد تدابير قوية "مرفقة بأدوات مالية مبتكرة وملائمة بالفعل لحرب يتوجب علينا خوضها سوياً".
وكانت ألمانيا ودول شمال أوروبية أخرى قد رفضت مناشدة تسع دول، من بينها إيطاليا الأكثر تضرراً، من أجل الاقتراض الجماعي من خلال "سندات كورونا" للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء.
واختارت صحيفة "فاتو كوتيديانو" عنوان "كونتي يقول لأوروبا ميتة أن تذهب إلى الجحيم". كما عنونت "لا ريبوبليكا" ذات الخط السياسي المؤيد للاتحاد الأوروبي تقليدياً، "أوروبا قبيحة".
وبدورها، اعتبرت  صحيفة "كورييري ديلا سيرا" أنّه "في حال افتقد الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق، فإنّ هذا يعني أنّ المشروع الأوروبي نفسه قد انتهى".
وانتقد رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا ما أسماه "التفاهة المتكررة" للحكومة الهولندية، التي تعد عادة واحدة من أقوى المدافعين عن الانضباط في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وقال: "هذا الحديث بغيض في إطار الاتحاد الأوروبي. هذه هي الكلمة بالتحديد: بغيض".

هل ينهار الاتحاد الأوروبي؟
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيره لزعماء الاتحاد الأوروبي بأن تفشي فيروس كورونا يهدد الدعائم الأساسية للاتحاد الأوروبي. , قال ماكرون لباقي قادة التكتل وعددهم 26 خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف، "المشروع الأوروبي معرض للخطر... التهديد الذي نواجهه هو القضاء على منطقة الشينجن"، 
ان ازمة كورونا كشفت وسريعا عن عيوب قاتلة في بنية الاتحاد الاوروبي .ما سيستدعي بعض الدول وخاصة دول وسط وجنوب وشرق الاتحاد الى البحث عن اطر جديدة .بما في ذلك  عودة القومية بقوة كاطار يحافظ على الامم والكيانات السياسية من الانهيار .وهنا ستنتعش التيارات القومية والوطنية والشعبوية .وفي هذا السياق بدا الرئيس الفرنسي يتحدث قائلا: ان العالم تغير منذ انتشار فايروس كورونا وعلينا ان نعيد صياغة معايير السيادة الوطنية والاوروبية .
وحذرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إيميلي دو مونشالان من تأثيرات سلبية محتملة لأزمة كورونا على العلاقات الأوروبية إذا لم يخرج الاتحاد الأوروبي من هذه الأزمة متحدا.واضافت الوزيرة الفرنسية: إن “التضامن لا يمكن أن يستخدم كأداة.. من الأسهل أحيانا القيام بالدعاية و(إظهار) الصور الجميلة واستغلال ما يحصل.. أنا أحدّثكم عن الصين وروسيا”.!!
واعتبرت إيميلي أنه يتعين على الصين وروسيا عدم استخدام المساعدة التي تقدمانها في سياق الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا أداة لغايات دعائية، بحسب وصفها.
وزير خارجية إيطاليا.. الكلمات المعسولة لاتقدم شيئاً


قال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، إن بلاده "تنتظر ولاء من الشركاء الأوروبيين"، في مواجهة حالة الطوارئ الصحية الاقتصادية الناجمة عن وباء فيروس كورونا المستجد.
ونشر لويجي دي مايو مقالا على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، قال فيه: "بعد رفض دول بشمال أوروبا، من بينها ألمانيا، إنشاء آلية إقراض شاملة في منطقة اليورو (سندات كورونا).. فكلمة الولاء أصبح لها وزن مهم بالنسبة لنا.. ونتوقع من أوروبا أن تؤدي دورها.. وأيضا لأن الكلمات المعسولة لا تقدم شيئا لنا".
وتابع قائلا: "في اشارة الى الأزمة المالية اليونانية.. لا ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يقول إنه مستعد لمساعدتنا إلا إذا قبلنا الأدوات القديمة التي جربتها بعض الدول قبل 10 سنوات دون نجاح كبير.. هذا ليس بالشيء الجيد".
وذكر الدبلوماسي الإيطالي في مقاله "ندرك أنه إذا لم نتصرف بشكل حاسم، فلن ننعش اقتصادنا.. وهذا لا يمكننا حتى تخيله.. لقد أبلغنا الدول الأعضاء الأخرى أن إيطاليا ستنفق كل الأموال اللازمة لمساعدة مواطنيها، لا وقت لأخذ الوصفات البالية والبيروقراطية في الاعتبار".