أكتوبر المجد والتاريخ.
كانت حرب أكتوبر المجيدة بين أصحاب حق فى حلوقهم مرارة الهزيمة التى لم يكونوا سببًا فيها وبين غرور لاحد له لجيش خطف نصرًا لم يدفع ثمنه ولم يجرب حقيقة من انتصر عليه فاستهان به فنال الجدون ما يليق بهم من نصر أزالوا به مرارة الهزيمة وأثبتوا للعالم أجمع أنهم خير أجناد الارض وأنهم يستطيعون أن يصنعوا مايدهش الجان وليس البشر بإمكانات عادية فى مواجهة عدو يتمترس بأحدث وسائل القوة.
فى كتاب "التقصير" الذي كتبه سبعة صحافيين صهاينة نقلًا عن محاربين صهاينة أيضا نجو من الموت فى هذه الحرب يتأكد أن الاسرائيليين رأوا بأم أعينهم استعدادات الجيشين المصرى والسورى للحرب .
كانت كل الشواهد تؤكد حدوثها، بل عرفوا بأن هناك عمليات ستتم يوم السادس من أكتوبر لكن العبقرية المصرية المتمثلة فى البطل الشهيد أنور السادات ورجاله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه واستطاعوا إرسال رسالة مؤدها أنه لاقدرة لديهم على الحرب وأن العملياتالتى يتوقع أن تحدث لن تكون فى صالح مصر أبدا .
أكد هذه الفرضية غرور الصهاينة على كافة المستويات واستهاناتهم بالجيش المصرى وبالمهارات المعجزة له وهو يحارب فى سبيل الله حماية لأرضه وعرضه وتاريخه وكرامته
فمن شهادات القادة والجنود الصهاينة التى تؤكد هذا الغرور ننقل من كتاب "التقصير" : فى يوم الاثنين 2تشرين الاول "أكتوبر" علم ان المصريين بدأوا بنقل الجيوش من قطاع القاهرة إلى قطاع منطقة القناة وشرح الناطق العسكري الاسرائيلي ما يجري فقال: إنها مناورة يقوم بها الجيش المصري وسمح للمراسل العسكرى بالذهاب الى قناة السويس حيث أجرى يوم الخميس 4 أكتوبر حديثا مع الجنرال البرت وجري الحديث فى قيادة البرت وعلى الطائرةوخلال الحديث سأل المراسل العسكري: ماذا سيحدث لو عبر المصريون القناة غدا صباحا ؟ فاجاب : ستصدهم قواتنا فى خط المياه وخلال مدة لا تذكر ستكون الحرب قد دارت فى الجانب الثاني " أى ان الاسرائيليين سيسحقون الجنود العابرين ثم يعبرون غرب القناة " ويعلق الكاتب كان هذا الجواب قبل نحو 50 ساعة من بدء الهجوم المصري .
وعلى الجانب السوري زار ديان وزير الدفاع الاسرائيلي هضبة الجولان يتفقد الاستعدادات هناك فى الخط الاول للجيش الاسرائيلي وروى له الضباط ما شاهدوه من استعدادات على الجانب السوري وفى نهاية الجولة أدلى بتصريح سجله فريق من التليفزيون الامريكي عن عمد ليصل الى مسامع السوريين قال فيه: " آمل أن يدرك السوريون من جانبهم أن كل ضربة أخرى ستؤلمهم أكثر مماتؤلمنا ولايوجد اليوم سبب خاص للنظر الى الوضع بخطورة ولا للاستخفاف به أيضا إلا فى الاستعدادت العسكرية وراء الحدود ولا فى موقف السوريين السياسي للجيش والشعب السوريان بقيا متطرفين جدا .
يقول الكاتب هدف ديان من تصريحه توجيه التحذير الى حكام سوريا ألايبدءوا الحرب فى خلال أيام العيد.
أما الجندى باري الذي كان يحارب على خط القناة فيحكى بعد أن نجا من الموت بالاسر فى أيدى الجنود المصريين كيف أنهم علموا بأن شيئا ما سيحدث وكيف فوجئوا بالجندي المصري الذي غير اساليب الحرب الحديثة . يقول ألغيت جميع الاجازات فى سرية المدعات التابعة لهم منذ يوم الخميس 4 أكتوبر وقد اتخذت مواقعها فى القطاع الاوسط من القناة على بعد نحو 7 كيلوا مترات من خط المياة كانت معظم سرايا الدبابات فى سيناء منتشرة كسريته فى الخط الثاني والان كلفت بالوصول الى خط المياه "القناة" فى المناطق المخصصة للعبور لمنع إقامة رؤوس جسور أو عرقلة خطوط المصريين الاولى على الاقل ولكن المصريون لم يستعملوا مناطق العبور فقط ..عبر عشرات الالاف من جنود سلاح المشاة على امتداد 160 كيلوا متر على طول القناة فى الفسح بين التحصينات. يقول بار ي أيضا إن أكثر شيىء حظى باهتمامي هو أن تكون لدينا كميات كافية من السندوتشات وكراسات المطالعة لتمضية الوقت ..كنا نظن أننا خارجون فى نزهة طويلة وخفت الملل" .يذكر المؤلف أن باري رجل المدرعات فى الخدمة النظامية منذ سنة ونصف وكان يعمل ملقم ذخيرة فى دبابة قائد السرية .توقفت دبابته بالقرب من البحيرة المرة الصغيرة بمحازاة التصاق البحيرة بالقناة وبدأت تطلق النار واطمئن المقاتلون فى الدبابات عندما لاحظوا أن الاهداف التى تواجههم هم سلاح المشاة وليست المدرعات المصرية وكان ذلك حقيقة مفاجئة مطمئنة ..يقول بارى علمونا فى المدرسة أن الدبابات هى المشكلة.. دبابة العدو هدف أول والمدافع المضادة للدبابات هدف ثان وبعد ذلك تطلق النار على سلاح المشاة وفوجىء باري بالنار تشتعل فى مؤخرة المدفع فاعتقد أن قذيفة اشتعلت فى بيت النار ولكنه شعر بحرق فى ذراعيه فاستطاع أن يلقي بنفسه الى الخارج اشتعلت النار فى دبابته ونظر حوله فشاهد قذائف نارية مشتعلة ترقص فى الجو وهي فى طريقها الى الدبابات القريبة منه لم يفهم ماذا حدث ولكنه فهم فى وقت لاحق أن هذه الصورايخ من سلاح المشاه الواقفين أمامه فادرك أنهم لا يقلون خطورة عن الدبابات التى لم يرها حتى هذه اللحظة.
إنني ادعو الى قراءة الكتاب بدقة لنعلم ان اسرائيل لم تكن فى استرخاء وإنما كانوا يستعدون لاحتلال جنوب لبنان يوم 8 أكتوبر كما ذكر المشير الجمسى فى مذكراته لكنهم لم يكونوا على معرفة بحقيقة الجيش المصري التى عرفوها في الحرب .