عابرة إسطنبول.. البحرية المصرية في مياه «الأسود» مع الأسطول الروسي

كتب : ناصر عبدالرحيم
الاثنين 12 اكتوبر 2020 - 05:22 م

على مدار ثلاثة أيام من المناورات بين وفدين من القوات البحرية المصرية والروسية، لإرساء القواعد والترتيبات، ووضع الخطة النهائية لتطوير التعاون العسكري البحري بين مصر وروسيا، وتوحيد المفاهيم العسكرية بين الأسطولين، وتنفيذ مهام قتالية تأمينية عدة لتأمين الممرات الملاحية، والرقابة على السفن المشبوهة في البحر المتوسط.

وبحلول نهاية العام الجاري ستنطلق السفن الحربية المصرية في مياه مضيق البوسفور لأول مرة، للمشاركة في مناورات «جسر الصداقة 2020» تعاونًا مع البحرية الروسية بالبحر الأسود؛ لبث الرسائل الاستراتيجية على قدرة مصر على تأمين مصالحها حتى أبعد نقطة، خاصةً في وجه الجانب التركي بعد أن قرر العبث في مياه البحر المتوسط.

وقد رأى بعض الخبراء العسكريين أن التعاون المشترك بين القوات الروسية والمصرية في البحر الأسود يأتي في إطار إظهار الوجود المصري بمنطقة العمليات في الشمال، علاوة على أن وجود البحرية المصرية في البحر الأسود في خضم التدريبات مع البحرية الروسية يحدث توازنًا في العملية السياسية في المنطقة.

وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها، التي تشارك فيها البحرية المصرية بمناورات عسكرية في البحر الأسود؛ إذ إن هناك علاقات قوية مع الجانب الروسي منذ قرن مضى، وتأتي التدريبات المشتركة بينهم في إطار تعزيز العلاقات، وتبادل الخبرات لدى الطرفين في البحر الأسود.

وفي هذا التوقيت تسببت العلاقات المصرية الروسية والتعاون المشترك فيما بينهم بإحداث توتر لدى تركيا، بعد أن تراجعت علاقتها مع روسيا؛ بسب سياسات تركيا وتدخلاتها في ليبيا وسوريا، ومؤخرًا النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، فضلًا عن الأطماع التركية في ثروات الطاقة بمنطقة شرق المتوسط.

يقول دكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريح لـ«المرجع»، إن الرسائل المصرية جاءت كنوع من الردع المباشر للجانب التركي، والاقتراب من مناطق التماس الاستراتيجي له، إضافةً للتأكيد على علاقات مصر وروسيا، واستكمالًا لما تم في شرق المتوسط ومنه إلى البحر الأسود والمضايق الاستراتيجية.

وأردف «فهمي»، أن مصر أرادت التشويش الاستراتيجي على الحركة التركية في مناطق الوجود الاستراتيجي، سواء في المتوسط أو القوقاز أو الشرق الأوسط، ومنع تمدد الدور التركي ومحاصرة الحركة  التركية التي تستهدف التأكيد على قوة ونفوذ تركيا في مناطق متعددة، وفي نفس التوقيت مصر تكسب من خلال المناورات الروسية دورًا كبيرًا كقوة بحرية هائلة، تحتل موقعًا عالميًّا وفق التصنيف الدولي لتقارير راند سيبري /UBS’s.

الاستراتيجية المصرية

ويرى الباحث المختص في العلاقات الدولية، مصطفى صلاح، أنه من المؤكد أن التحركات الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة تهدف إلى توسيع نطاق هذه العلاقات، في ظل المخاطر والتهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري، وفي هذا السياق يمكن القول إن هذا التوجه بدأ يجد مردودًا في التأثير على مجريات الأوضاع الإقليمية والدولية، خاصةً أن مصر في هذه المرحلة تهدف إلى تنويع مصادر قوتها على مختلف المستويات، ومنها تعزيز القدرات البحرية، وقد شهدت الفترة الماضية مجموعة متنوعة من المناورات المصرية مع اليونان وقبرص في مسرح عمليات البحر المتوسط، ولعل اتجاه القاهرة إلى القيام بتدرييات مشابهة مع موسكو في البحر الأسود يأتي ضمن الاستراتيجية المصرية لتطوير قدراتها العسكرية في المجال البحري.

ويقول «صلاح» في تصريح لـ«المرجع»، إن من ناحية أخرى هناك مجموعة من الرسائل التي تريد أن ترسلها إلى بعض الدول وخاصة تركيا، مفادها أن مصر قادرة على حماية مصالحها وأهدافها الاقتصادية في منطقة شرق المتوسط، بجانب ذلك تأكيد القاهرة على احتفاظها بعلاقات وثيقة مع الجانب الروسي، وهو الأمر الذي سينعكس على مستقبل الصراعات في المنطقة، خاصةً أن الجانبين يمتلكان رؤية استراتيجية مشتركة حول تسوية بعض الأزمات مثل الأزمة الليبية والأزمة السورية، ومن الرسائل المهمة وراء هذا التنسيق المشترك بين مصر وروسيا، هو استعراض القوة العسكرية البحرية المصرية، وكفاءة الأفراد والوحدات القتالية كمؤشر على الاستعداد الكامل بمواجهة المخاطر التي تهدد المصالح المصرية.