الرئيس: بعض المسلمين هجر الوسطية وانحرف عن صحيح الدين.. بناء الإنسان وتنوير العقول وتكوين الشخصية محور التقدم وتنمية المجتمعات
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن الإشكالية الحقيقية الحالية فى العالم الإسلامى ليست اتباع سنة النبى أو عدم اتباعها وإنما القراءة الخاطئة لأصول الدين.
وأضاف فى كلمته خلال الاحتفالية التى نظمتها وزارة الأوقاف بمناسبة المولد النبوى الشريف، متسائلا: «هل إساءة من يقولون نأخذ بتعاليم القرآن فقط وليس سنة الرسول أكثر أم التفكير المتطرف، متسائلا عن سمعة المسلمين فى العالم حاليا».
وقال الرئيس إن المؤامرات موجودة على مر العصور ودورنا هو التصدى لهذه المؤامرات، مؤكدا أهمية أن يخرج من مصر مسار عملى حقيقى للإسلام السمح من خلال ممارسات حقيقية وليست مجرد نصوص نكررها فى المؤتمرات والخطب.
وأشار الرئيس إلى أن سلوكيات العديد من المسلمين بعيدة تماما عن صحيح الدين سواء فى الصدق أو الأمانة أو الإخلاص فى العمل أو احترام الآخرين، قائلا : «أرى العجب فى إدارة الدولة».
وأوضح الرئيس أن مشارف معرفة الانسان تؤثر على فكره، مشيرا إلى أن العقلية الدينية مختلفة عن العقلية السياسية ومختلفة أيضا عن العقلية الاقتصادية، مشيرا إلى أن رجل الدين الحقيقى الذى يجب أن يتصدى كمفكر لقضايا عصره يجب أن تكون عقليته جامعة لكل المعارف فى كل المجالات. موجها بضم عدد من شباب الدعاة للأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب حتى يتم توسيع مداركهم بمختلف المعارف والعلوم.
وقال الرئيس: إن رسالة الإسلام التى تلقاها، سيد الخلق وأشرفهم صلى الله عليه وسلم، صاحب هذه الذكرى العطرة، والذى بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، حرصت كل الحرص على إرساء مبادئ وقواعد التعايش السلمى بين البشر وحق الناس جميعا فى الحياة الكريمة، دون النظر إلى الدين أو اللون أو الجنس، فقد خلقنا المولى شعوباً وقبائل، متنوعين ثقافيا ودينيا وعرقيا، لكى نتعارف، قائلا: «فما أحوجنا اليوم إلى ترجمة معانى تلك الرسالة السامية إلى سلوك عملى وواقع ملموس فى حياتنا ودنيانا».
وأضاف الرئيس: «إننا إذ نحتفى بذكرى مولد نبى الرحمة والإنسانية، نسأل الله العلى القدير أن يعيد هذه المناسبة الكريمة على الشعب المصرى والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع بالخير واليمن والبركات».
وأشار إلى أن الدين الحنيف علمنا أنه لا إكراه فى الدين، ليرسخ بذلك قيم التسامح وقبول الآخر، إلا أنه من دواعى الأسف أن يكون من بين المسلمين من لم يستوعب صحيح الدين وتعاليم النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فأخطأ الفهم وأساء التفسير، وهجر الوسطية والاعتدال، منحرفاً عن تعاليم الشريعة السمحة ليتبع آراء جامحة ورؤى متطرفة، متجاوزا بذلك ما جاء فى القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من حرمة النفس، وقدسية حمايتها وصونها من الأذى والاعتداء.
ولمواجهة تلك الظاهرة، أكد الرئيس أنه على كل فرد أن يقف بكل صدق أمام مسئولياته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، وتأتى فى مقدمة تلك المسئوليات أمانة الكلمة، وواجب تصحيح المفاهيم الخاطئة، وبيان حقيقة الدين الإسلامى السمح، وتفنيد مزاعم من يريدون استغلاله بالباطل، بالحجة والبرهان.
وأضاف أن بناء الإنسان وتنوير العقول وتكوين الشخصية على أسس سليمة، يعد المحور الأساسى فى أى جهود للتقدم وتنمية المجتمعات، وهو ما وضعته الدولة هدفاً استراتيجياً لها خلال الفترة الحالية. لذا فإننى أدعو علماءنا وأئمتنا ومثقفينا إلى بذل المزيد من الجهد فى دورهم التنويري، دعونا نستدعى القيم الفاضلة التى حث عليها الإسلام ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم التى تنادى بالعمل والبناء والإتقان، لنواجه بها أولئك الذين يدعون إلى التطرف والإرهاب.
وأوضح الرئيس أنه رغم جهود العلماء والأئمة والمثقفين، ودورهم المحورى فى هذه المعركة الفكرية والحضارية، إلا أننا نتطلع إلى المزيد من تلك الجهود لإعادة قراءة التراث الفكري، قراءة واقعية مستنيرة، مضيفا: «نقتبس من ذلك التراث الثرى ما ينفعنا فى زماننا ويتلاءم مع متطلبات عصرنا وطبيعة مستجداته، ويسهم فى إنارة الطريق لمستقبل مشرق بإذن الله تعالى لوطننا وأمتنا والأجيال القادمة من أبنائنا».
ودعا الرئيس لإنقاذ العقول من حيرتها، وتنبيه النفوس عن غفلتها، ونشر المفاهيم الحقيقة السمحة للإسلام، مطالبا بالحرص على غرس القيم الإنسانية السامية فى القلوب والأذهان لنبذ العنف والكراهية والبغضاء.
وقال الرئيس: «لقد كان رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ولايزال قدوة للناس جميعا، فلقد كان على خلق عظيم، فدعونا نقتدى بنبى الرحمة الذى بعث ليتمم مكارم الأخلاق، لنجعل من وطننا الحبيب مصر منارة للسلام والرقي، ولتستعيد مكانتها الطبيعية كمركز للحضارة والعلم والثقافة للإنسانية جمعاء».