القاهرة ...مدينة الألف مئذنة ...قاهرة المعز

كتب : ناصر عبدالرحيم
السبت 11 يوليو 2020 - 02:05 م

القاهرة ...مدينة الألف مئذنة ...قاهرة المعز
القاهرة ... تلك المدينة الساحرة التي تحكي شوارعها وجدرانها تاريخ شعب مصر وحضارته العريقة التي أثرت البشرية على مر العصور فهي من أكثر المدن تنوعًا ثقافيًا وحضاريًا
القاهرة ... متحفًا مفتوحًا يضم آثارًا فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية، فيعود تاريخ المدينة إلى نشأة مدينة أون الفرعونية أو هليوبوليس "عين شمس حاليًا" والتي تعد واحدة من أقدم مدن العالم القديم كما تضم "حصن بابليون"فهو من الآثار الرومانية القديمة وتضم أيضًا الكنيسة المعلقة وشجرة السيدة مريم وهي الشجرة التي استظلت بها السيدة مريم في رحلتها من فلسطين لمصر هربًا من بطش الرومان.
أما القاهرة الإسلامية بطرازها المعماري الفريد والتي بدأت ملامحها تظهر مع الفتح الإسلامي لها على يد عمرو بن العاص عام 641م وبنائه لمسجد يحمل اسمه والذي يعد أول مسجد يبنى في أفريقيا، وعلى أرض القاهرة بَنيت مدينة الفسطاط والعسكر والقطائع في العصر العباسي
ومن العصر الفاطمي حتى الأيوبي والمملوكي.. شهدت القاهرة أرقى فنون العمارة الإسلامية التي تمثلت في بناء القلاع والحصون والأسوار والمدارس مثل قلعة صلاح الدين ومدرسة السلطان برقوق ومدرسة الأشرف قايتباي خان الخليلي ومسجد الرفاعي ومسجد الحسين وغيرها
كل هذا التاريخ العريق للقاهرة جاء نتيجة لما تتمتع به من موقع استراتيجي متميز مما أهلها لتكون العاصمة السياسية لمصر على مر العصور، هذا إلى جانب كونها العاصمة الثقافية والفنية والعلمية والتاريخية للعالم العربي والإسلامي
بدأ القائد جوهر الصقلي في بناء العاصمة الجديدة للدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي وذلك في يوم 17 شعبان عام 358 هجرية الموافق 6 يولية عام 969م واصبح هذا اليوم عيدا قوميا لمحافظة القاهرة.
وقد اطلق عليها اسم المنصورية، وعندما وصل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى مصر ودخل المدينة الجديدة عام 362هـ أسماها "القاهرة “وقيل ان السبب في تسميتها بهذا الاسم هو تبركًا بالكوكب القاهر المعروف باسم كوكب المريخ وهو القول الأكثر شيوعًا بين المؤرخين.
تقع محافظة القاهرة على الضفة الشرقية لنهر النيل ويحدها من الشمال محافظة القليوبية ومن الناحية الشرقية والجنوبية الظهير الصحراوي ومن الناحية الغربية نهر النيل ومحافظة الجيزة، وتعتبر القاهرة محافظة ومدينة، أي أنها محافظة تشغل كامل مساحتها مدينة واحدة، وفي نفس الوقت مدينة كبيرة تشكل محافظة في حد ذاتها
واحدا من أهم واعرق آثار القاهرة هو قصر عابدين والذي يعد من أشهر القصور الرئاسية التي شيدت خلال حكم أسرة محمد على، وكان "الخديوي إسماعيل" قد أمر ببناء قصر عابدين فور توليه حكم مصر في عام 1863م وأراد ببناء القصر نقل مقر الوالي من القلعة التي ظلت مقراً للحكم في مصر منذ شيدها "صلاح الدين الأيوبي" في عام 1171م إلى وسط مدينة حكمه وقد استغرق بناء القصر عشر سنوات.
وقد عرف القصر باسم "قصر عابدين" نسبة إلى أمير اللواء السلطاني "عابدين بك" في عهد محمد على باشا. والذي كان يسكن قصراً صغيراً في نفس موقع القصر الحال فاشتراه إسماعيل من أرملته ‏وهدمه وضم اليه أراضي واسعة لتصبح إجمالي مساحة القصر 24 فداناً، وليتوج كل هذا ببناء قصر عابدين الحالي ليكون آية في الجمال والفن المعماري، وفوق بركة "الفراعين" الراكدة أمام موقع القصر أنشأ ميدان عابدين الحالي الذي تبلغ مساحته ما يقرب من 9 أفدنة، وأقام بجواره قشلاقات الحرس (محافظة القاهرة حالياً).
قام بإنشاء هذا القصر المهندس "دى كوريل ديل روسو" وعدد من العمال والفنيين المصريين والإيطاليين والفرنسيين والأتراك. وقد استغرق البناء حوالي 10 سنوات، وقدرت تكلفته ما يقرب من 100 ألف جنيه ذهبية، أما الأثاث فتكلف حوالي 2 مليون جنيه، وقد ظل قصر عابدين مقراً للحكم ورمزاً للسلطة من عام 1872م حتى 1952م وشهد أهم الأحداث المؤثرة في تاريخ مصر الحديث، نذكر منها ثورة عرابي وتجمع الجيش المصري بميدان عابدين أمام القصر في عام 1882
ويقع مقر ديوان عام محافظة القاهرة حاليا في جزء من هذا القصر التاريخي العظيم