الإمام الطيب الـ 48 للأزهر الشريف يكمل عامه ال 74

كتب : ناصر عبدالرحيم
الاثنين 06 يناير 2020 - 10:21 ص

 
حياة اتسمت بالزهد والورع وخدمة الإنسانية، طاف خلالها العديد من البلدان لنشر السلام، نجح في ترسيخ مبدأ الأخوة الإنسانية لتظل شاهدة على مسيرة العطاء التي سلكها الإمام الطيب، فى عيد ميلاده الـ74.. «الإمام الطيب» يهدى العالم «الأخوة الإنسانية» . 

تعد حياة الدكتور أحمد الطيب العلمية والدينية الأزهرية مليئة بالكفاح، حيث ولد فى 6 يناير عام 1946م بقرية القرنة بالأقصر، وحصل على الليسانس فى العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهر بمصر عام 1969م والماجستير فى العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهر بمصر عام 1971م، والدكتوراه فى العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهر بمصر عام 1977م.

المناصب والمهام

وعمل الدكتور الطيب معيدًا بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من 2 سبتمبر 1969م، كما عمل كمدرس مساعد للعقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من 5 أكتوبر 1972م، ثم مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من 24 أغسطس 1977م، وأستاذ مساعد للعقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من 1 سبتمبر 1982م، وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر (من 6 يناير 1988م).

انتدب الأستاذ الطيب ليكون عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا اعتبارًا من 27 أكتوبر 1990م 
حتى 31 أغسطس 1991م، ثم انتدب عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بأسوان فى الفترة وتجدد انتدابه عميدا لنفس الكلية من 9 نوفمبر 1997م وحتى 3 أكتوبر 1999م، وبعدها عين عميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان فى العام الدراسي 1999/ 2000م.

وبعد فترة من العمل الجامعي شغل منصب مفتي جمهورية مصر العربية من 10 مارس 2002م حتى 27 سبتمبر 2003م، ثم رئيسًا لجامعة الأزهر إلى أن صدر قرار جمهوري بتعيينه شيخا للأزهر ليصبح الإمام الـ 48 للأزهر الشريف.

وأيضا تولّى الأستاذ الطّيب عددا من المهام الدينية الأزهرية الأخرى ومنها: رئيس اللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون وعضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشئوون الإسلامية وعضو الجمعية الفلسفية المصرية، كما يرأس حاليا هيئة كبار العلماء ومقرها القاهرة، و مجلس حكماء المسلمين ومقره أبوظبي.


مواقف في حياته

- انطلاقًا من دور الأزهر تجاه العالم العربى والإسلامي، دعا هيئة كبار العلماء لعقد اجتماعًا طارئًا، أول أمس السبت، لمناقشة الأحداث الأخيرة التى تمر بها ليبيا الشقيقة، وأعلن دعم هيئة كبار العلماء الموقف المصرى للحفاظ على أمن مصر وسلامتها، وأمن المنطقة بأكملها، وتحليه بأقصى درجات الدبلوماسية، مؤكدا أن هذا الموقف ليس بجديد على دولتنا المصرية التى كانت ولا تزال سدا منيعا محافظا على أمن وسلامة الشعوب العربية والإسلامية، وبخاصة دول الجوار ولاسيما الإسلامية منها.

وأكد أن أى تدخل خارجى على الأراضى الليبية هو فساد فى الأرض ومفسدة لن تؤدى إلا إلى مزيد من تعقيد الأوضاع فى ليبيا وإراقة المزيد من الدماء وإزهاق الأرواح البريئة، مشدد على أنه يجب على العالم أجمع وفى مقدمته الدول الإسلامية والمؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدولى منع هذا التدخل قبل حدوثه؛ ورفض سطوة الحروب التى تقود المنطقة والعالم نحو حرب شاملة.


- حرص الطيب خلال جولاته الداخلية والخارجية على نشر مفهوم التسامح والتعايش السلمى ودعم قيم الأخوة الإنسانية بين جميع البشر، وظهر ذلك جليا فى لقاءاته بالبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، والتى كان أبرزها عقد لقاء الأخوة الإنسانية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتى أثمرت عن التوقيع على وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية.

كان الأزهر الشريف أعلن تجميد الحوار مع الفاتيكان في 2011، ردا على تصريحات بابا الفاتيكان حينها المتكررة والمعادية للإسلام قبل أن يستأنف الحوار مجددًا بعد الاعتذار الرسمي، ووصلت العلاقة بين الفاتيكان والأزهر إلى أفضل مرحلة لها في الوقت الحالي بعد تولي البابا فرنسيس.

- عمل فضيلة شيخ الأزهر على استمرار الحوار بين الشرق والغرب والدور الذى يقوم به الأزهر فى نشر ثقافة الحوار والتعايش والسلام استقبل فضيلة الإمام الأكبر العديد من القيادات والسياسيين البارزين فى العالم الغربى، من أجل فتح مجالات الحوار والتفاهم بين الشرق والغرب وتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامى بعيدا عن الصورة النمطية التى تلصق الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين، ومن أبرز هذه الشخصيات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وأنطونيو جوتيريس، أمين عام الأمم المتحدة، وجورج فيرى رئيس مجلس الشيوخ الكندى على رأس وفد رفيع المستوى من مجلس الشيوخ الكندى، وتوماس أوبرمان نائب رئيس البرلمان الألمانى، وميجيل موراتينوس، الممثل السامى للأمم المتحدة لتحالف الحضارات.


- اهتم الإمام الأكبر بترسيخ فقه المواطنة والتعايش والحوار بين الأديان، وقال: "إن الأزهر يؤمن بأن الحوار بين الثقافات والأديان يجب أن ينتقل من الإطار النظري إلى التطبيق العملي في المجتمعات عن طريق إشراك الشباب والاستفادة من طاقاتهم وأفكارهم المبدعة في تعزيز قيم السلام والتعايش وكسر حدة التوتر بين أتباع الديانات حول العالم".


- سعى لتشييد جسور التواصل والحوار مع العالم بديلا عن الجدران والحواجز، لذا انطلق ليجوب قارات العالم ودوله شرقًا وغربًا لتحقيق هذه الرسالة، التى يحملها الأزهر على عاتقه منذ أكثر من ألف عام.


مقولاته

* إن التعايش السلمى هو التزام على المسلمين وليس مسألة اختيار. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يوص فقط بالترابط مع أتباع الإسلام لكن أيضا مع أتباع المسيحية واليهودية "في مقال بصحيفة واشنطن بوست، 14 مارس 2010" 

* ندعو دائما إلى أن يكون الحوار بعيدا عن العقائد، لأن الحوار في العقائد جدل عقيم لا يثمر إلا عن الكراهية، لكن الحوار المثمر يكون في القواسم المشتركة، وأهمها الاحترام المتبادل، والتفاهم حول الأمور التي تعزز السلام في المجتمع الإنساني، وتنشر التسامح والتعايش بين الإنسان وأخيه الإنسان "في أول حوار له بعد تعيينه شيخاً للأزهر مع جريدة الشرق الأوسط، 21 مارس 2010".

* كثيرون يفهمون أن الإسلام في الدولة الدينية بالمعنى الغربي وهذا خاطئ، فليس معنى أن يكون الإسلام حاضراً في حياة المسلم وفي علاقته بالآخرين أن تكون الدولة دينية، وأن يكون رئيس الدولة رجل دين، ماشي بالحلال والحرام وقطع اليد، فهذا ليس صحيحاً، لكن هناك القرآن والسُنة والتعاليم الأخلاقية الموجودة في هذين المصدرين الكريمين، وهناك أيضاً التعاليم الشخصية التي لا تشكل أي عائق للإنسان سواء عاش في دولة دينية أو غير دينية، فمثلاً المفروض علينا من القرآن والسُنة، الصلاة والزكاة والصوم، والامتناع عن الخمر، وأن تكون العلاقات في إطار الزوجية، فهل يصعب تطبيق تلك التعاليم؟! لا.. أبداً، فقد عشنا في هذه البلاد وكنا ملتزمين بكل ذلك ولم نشعر بأننا قصرنا في تأدية الواجب، فما بالك أن يلتزم المسلم بهذا هنا، فهل يقال إن هذه الدولة دينية؟أن الدولة الدينية بالمفهوم الغربي هى دولة متسلطة، لكن بالمفهوم الإسلامي لو كانت دولة سيدنا عمر متسلطة فكيف فتح الشام ومصر واستقبلوه استقبال المنقذ والمخلص؟! فالدولة الإسلامية مختلفة تماماً عن الدولة الدينية بالمفهوم الذى يروج له دائماً، وإنما يرمى البعض بالكلمة هنا ليبعث برسائل سلبية لدى الشباب "فى حواره مع أحمد المسلمانى، فى برنامج «الطبعة الأولى» قناة «دريم»، 19 أغسطس 2010".

*لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يُخْرِجُه من الإسلام، إنّما هي عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات كما حدث بين المذاهب الفقهية الأربعة، وكل الفروق بيننا وبينهم هي مسألة الإمامة "مقابلة مع صحيفة النهار اللبنانية، 16 أكتوبر 2010".

* أن القُرآنَ الكريم يُقَرِّر حقيقة الاختلاف بين الناس دينًا واعتقادًا ولُغَةً ولونًا وأن إرادة الله شاءَت أنْ يَخْلُقَ عِبَادَهُ مختلفين، وأنَّ «الاختلافَ» هو سُنَّة الله في عباده التي لا تتبدَّل ولا تزول إلى أنْ تَزُولَ الدُّنيا ومَا عليها، و يترتَّب على حَقيقة الاختِلاف في الدِّين منطقيًّا حق «حُريَّةِ الاعتِقَاد» لأنَّ حُريَّةَ الاعتقاد، مع الاختلاف في الدِّينِ، يمثل وجهين لعملةٍ واحدة، وحُريَّةُ الاعتقاد تستلزم بالضَّرُورة نفي الإكراه على الدينِ، والقُرآنُ صَريحٌ في تقريرِ حُريَّة الاعتقاد مع ما يلزمه من نفيِ الإكراه على العقائد "كلمة بمؤتمر الأزهر العالمي للسلام، 5 أغسطس 2017".

والذي أعتقده اعتقادًا جازمًا، هو أنَّ كل احتلال إلى زوال إنْ عاجلًا أو آجلًا، وأنه إنْ بدا اليوم وكأنه أمر مستحيل إلَّا أن الأيام دول، وعاقبة الغاصب معروفة، ونهاية الظَّالم وإن طالَ انتظارها، مَعْلُومة ومؤكَّدة وإذا كان قد كُتِب علينا في عصرنا هذا أن يعيش بيننا عدو دخيل لا يفهَـم إلَّا لُغـةَ القُـوَّة، فليس لنـا أي عُذر أمام الله وأمام التاريخ في أن نبقى حوله ضعفاء مستكينين مُتخاذلين، وفي أيدينا – لو شئنا - كل عوامل القوة ومصادرها الماديَّة والبشَريَّة "في مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، 17 يناير 2018".

بعض من مؤلفاته

ولم تقتصر حياة الطيب على التدريس والإفتاء فقط، بل قام خلال رحلته الماضية بتأليف عدد من الكتب، أبرزها ‹مباحث العلة والمعلول من كتاب المواقف»، أصول نظرية العلم عند الأشعري ‹بحث القاهرة 1407 هجرية/ 1982م›، مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية» بحث/ القاهرة 1982م،» مباحث الوجود والماهية من كتاب المواقف» عرض ودراسة القاهرة 1402 هجرية 1982م،» مدخل لدراسة المنطق القديم» القاهرة 1407 هجرية /1987م،» بحوث فى الثقافة الإسلامية بالاشتراك مع آخرين» جامعة قطر الدوحة 1414 هجرية - 1993م، «تعليق على قسم الإلهيات من كتاب تهذيب الكلام للتفتازاني» القاهرة 1997م،» الجانب النقدي في فلسفة أبي البركات البغدادي» دار الشروق-القاهرة 1425ه/2004م.