بعد توقف الإنتاج لأكثر من ٢٠ عاما مزارعو قرية الزيات بالوادى الجديد يستغيثون: مهددون بالتشريد .. صور ومستندات

كتب :
الاثنين 01 يوليو 2019 - 01:07 ص

مزارعو قرية الزيات بالوادى الجديد يستغيثون: مهددون بالتشريد .. صور ومستندات

 


 

١٢٠ أسرة مهددة بالتشرد أراضيهم قلوية لا تصلح للزراعة

١٢٠٠ فدان بقرية الزيات لا تصلح للانبات بشهادة مركز البحوث وجهاز تحسين التربة

الجميع قد يحتفل وينعم ببعض الهدوء وطيب الحال وتقبل الأوضاع المعيشية إلا هم، ماذا جنوا منذ قدومهم إلى الصحراء فى نقطة إنعزال ، سرقت زهرة شبابهم ، ٣٠عاما كانت تكفي لبناء وتشييد أفخم القصور ومنازل النبلاء، إلا هم.. كانوا شبابا من فئة البسطاء، دفعهم حماس الغد ووعود الأمس إلى السقوط فى شباك حمية العشق المفدى لرؤية رمال الصحراء تتحول إلى مزارع خضراء تبعث الأمل وتنبت الثمار وتضفى اريجا زاهرا من شذايا الطبيعة الخلابة فى أكثر الأماكن بعدا وتصحرا وجفاءا فى ذلك الوقت بين محافظات مصر بما بما يعادل ٤٤ ٪ من مساحة الجمهورية.


مشروع شباب الخريجين والمنتفعين بسهل الزيات والتى أطلق عليها عام ١٩٩٠ القرية النموذجية بحكم تبعيتها لمركز الخارجة بمحافظة الوادى الجديد ذلك الحين.. مآساة حقيقية كشفت عن معاناة ١٢٠ أسرة جاءوا مع من جاءوا، يطلبون الحياة باستصلاح الأراضي الجديدة وتعمير الصحراء فأصبحوا يندبون حظهم الآن بعد فقدان الأمل وضياع العمل من حلم تحول إلى كابوس مرعب يطاردهم ليلاهم ،ويقسو عليهم نهارهم ، وسط صيحات من الإستغاثات المتكررة والقلوب المنفطرة على أرض عاقر لا تنبت ولا تصلح للزراعة المنتجة بعد فشل جميع المحاولات والتجارب العلاجية فى سبيل أحيائها ودرأ عيوبها دون جدوى أو قرار.


أكثر من ٦٠٠ فرد ،صاروا هشيما تذروهم رياح التشرد والبحث عن موطن جديد من أجل حياة كريمة وآمنة بعيدا عن مساحة  ١٢٠٠ فدان من الأراضي القلوية شديدة الملوحة داخل زمام قريتهم، لا تسمن ولا تغنى من جوع تم استصلاحها وزراعتها من قبل هذه الأسر فى مشهد تضافرت به عوامل التهميش واللامبالاة من قبل الجهات المختصة بالهيئة العامة للتنمية الزراعية فى محافظة الوادى الجديد هو مارصدته عدسة تصوير بوابة الجمهورية أون لاين

 حالة من الاستياء الشديد والسخط العام لتدهور أحوال شباب الخريجين والمنتفعين لسوء إنتاجية أراضيهم القلوية شديدة التماسك مما دفع العديد منهم لإتخاذ قرار الرحيل وهجرة الزراعات على مرأى ومسمع  المسئولين قبل فوات الآوان.

 

فى الوقت الذى يحتفل به مزارعو مصر فى اليوم التاسع من سبتمبر من كل عام تحت مسمي عيد الفلاح المصرى، والذى يوافق يوم إصدار قانون الإصلاح الزراعى، تكريماً لجهده المتواصل عبر آلاف السنين، من تضحيات وانجازات سجلتها كتب التاريخ والإقتصاد المصرى فى  كل الأزمنة وسائر الحضارات، يقيم  مزارعى قرية الزيات فترة حداد على ما مضي من أعوام ذهبت هباء دون جدوى أو مفر رثاء على ما صنعت أيديهم من عمل وقوبلت بالدهشة وتباطؤ أيدى المسئولين عن وضع الحلول المناسبة وخطوات العلاج.

خيم الحزن على وجوههم تاركين مزارعهم الغير منتجة عرضة للتصحر وزحف الرمال فى الوقت الذى يعتبرون فيه أنفسهم  يمثلون لمجتمعاتنا أيقونة حيوية تمنح العمل ولا تحصد سوى الخير من باطن ثروات أطيب البلاد.


فى قصة كفاح ونضال بدأت منذ آلاف السنين وبقيت إلى الآن ، تشهد عظمة الفلاح المصرى وتجسد معاناته فى مواجهة تحديات العصور،  وصراعات الأمم ليزداد عطائه مختلطا بوفائه مخلصا لتراب ارضه وإرث أجداده، عرف عنه حرصه الشديد  على أن يكون منتجاً رغم فقره، مناضلاً رغم ما يتعرض له من ظروف وتقلبات الحياة البيئية والسياسية.

 

 فالزراعة هي أول فعل حضاري لأول ترس بشرى وضع  لدفع عجلة الإنتاج الحقيقي والذى مارسه الإنسان من أجل تلبية متطلباته لبقائه على قيد الحياة ، ومثلما لم تبخل الأرض بالغذاء على الإنسان، لم يبخل الفلاح أيضا عن بذل العرق والكد لتوفير حياة آمنة لأخيه ساكن المدينة، لكنه لم يحظ في مقابل ذلك إلا بعقود طويلة عاشها في السخرة في ظل الأنظمة الإقطاعية التي تحكمت فيه بعد أن فرغت من حكمه قبل أن ينتفض معلنا الإضراب عن العمل فى حفر قناة السويس عام ١٨٦٢م

 

 ومن بعدها اقتحامه مجال الحياة الوطنية فى وقفة احتجاجية ضمن أهداف الثورة العرابية وثورة جمهورية زفتى عام ١٩١٩ ودخوله حيز الأحزاب والمشاركات السياسية معلنا انتمائه لحزب الوفد عام ١٩٣٥ والاشتراكي خلال منتصف القرن الماضي حتى قيام ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢م.

 

 إلى أن جاء الرئيس جمال عبد الناصر ليعلن يوم 9 سبتمبر من كل عام، عيدًا للفلاح المصرى، يرد له فيه اعتباره، وليواكب صدور أول قانون للإصلاح الزراعي، والذي يقوم على تحديد سقف للملكية الزراعية، في محاولة لإعادة الحقوق الضائعة إلى الفلاح الذي عاش أجيرًا يعمل بقوت يومه لإطعام أسرته بأراضى العثمانيين والأتراك والمماليك وكبار الأعيان  الى أن تحرر في هذا اليوم بقيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتوزيع عقود ملكية للأراضي الزراعية التي استقطعت من الإقطاعيين أصحاب المساحات الشاسعة، ليتملكها الفلاح تعويضا لما أعطى ومنح وتحمل من أجل البقاء على قيد الحياة وزراعة وجنى الثمار .


يقول عيسي عبدالمجيد عبدالدايم ٤٥ عام أحد المستهدفين بمشروع شباب الخريجين بقرية الزيات بمحافظة الوادى الجديد فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية أون لاين اصابنا الفتور والقحط بشدة خلال السنوات الماضية بعد فشل جميع محاولات جهاز تحسين التربة فى معالجة اراضينا القلوية الغير صالحة للزراعة، فأصبحنا لا نملك قوت يومنا ومستلزمات رعاية أطفالنا ، بالرغم من امتلاك الفرد منا أكثر من ٧ أفدنة تسلمناها من قبل الهيئة العامة للتنمية الزراعية منذ ٢٠ عاما كشباب خريجين .

 

اضاف أنهم تقدموا باكثر من مذكرة للجهات المختصة للتدخل ومعالجة المشكلة من جذورها إلا أن أصواتهم المستغيثة قوبلت بالرفض منذ ١٥ عاما من قبل الهيئة دون بحث المشكلة للتأكد من صحة الأمر.

 فيما ناشد عبدالمجيد المسئولين والجهات المعنية بتفعيل بنود المادة 29 من الدستور المصري ٢٠١٤م بشأن تنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه، والعمل على تنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التى تقوم عليهما، وأن تلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح.

 


وفى سياق متصل أكد عبدالفتاح النجار ٥٨ مزارع بنفس القرية ، لا نعلم سبب تباطىء المسئولين بالجهات المختصة لتلبية مطالبنا ورفع المعاناة عنا بالرغم من قيامنا باكثر من محاولة فردية لمعالجة قلوية أراضينا الغنية بعناصر الصوديوم والحديد بواسطة استخدام الجبس الزراعى والسماد الحيوي وإعادة حرث التربة إلا أن ذلك لم يفلح فى ظل تماسك مسام القشرة الخارجية لسطح التربية وعدم امتصاصها المياه لفترات طويلة وهو ماانعكس سلبيا على إنتاجية المحاصيل وضعف نمو النبات وتآكل جذوره .

 


وأشار النجار الى انه تم إعداد مذكرة جماعية تضمنت جميع أهالى القرية يناشدون من خلالها وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالنظر بعين الإعتبار لقضيتهم الإنسانية على أمل توفير بعض المعدات الثقيلة لردم مسطحات أراضيهم الزراعية بالرمال على أن يتحمل شباب الخريجين والمنتفعين تكلفة النقل والردم ، لافتاً إلى نجاح هذه التجربة عند بعض المزارعين المجاورين لمزارعهم نظراً لعدم قدرة المزارعين على تحمل  تكلفة هذه العملية بمفردهم.


وهو ما أشارت إليه رمزية محمد الشحات زوجة مزارع بقرية الزيات بأن القرية تمتلك ١٣ عشر بئر مياه جوفى حكومى لرى ٩٥٠ فدان زراعى لعدد ٦٦ خريج و٦٤ منتفع وغيرهم إلا أن القليلة منها مثمر دون الإنتاج المتوقع ، مضيفة بأن القرية بمثابة معتقل زراعى سكانى يبعد عن أقرب مجاوريه بمسافة لا تقل عن ٩٥ كيلومتر من مركز الخارجة و١٠٥ كيلو على طريق بلاط الداخلة ، مشيرة إلى صعوبة توافر الخدمات المعيشية فى ظل البعد عن مناطق الخدمة ،لافتة إلى أن الأمر يتطلب عناية المسئولين بما حل من دمار زراعى تسبب فى رحيل بعض الأسر وبوار مساحات شاسعة من تلك الأراضي .

 وناشدت المسئولين بتعويضهم بأراضى خارج الزمام نظراً لجودة تربتها وصلاحياتها فى إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية مقابل أراضيهم داخل الزمام أسوة ب٢٢ خريج كانوا قد تسلموا أراضي بديلة خارج زمام القرية بعد موافقة محافظ الوادى الجديد الأسبق .

 

وعلى الجانب الآخر أوضح المهندس أنور محمد احمد الصعيدى مدير إدارة المراقبة العامة للتنمية الريفية والتعاونيات بقطاع استصلاح الأراضي بالوادى الجديد فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية اونلاين: نعمل من أجل تسخير كافة مستلزمات اراضي الفلاح الخريج والمنتفع  بحكم تبعيتها  للهيئة العامة للتنمية الزراعية بالوادى الجديد وأن الفترة المقبلة ستشهد تشكيل لجان مختصة لعمل تقرير مفصل عن أسباب ضعف عملية الإنتاج وسوء التربة مشيرا إلى أن أراضي قرية الزيات قلوية ومتامسكة وذلك لاحتوائها  على صوديوم متبادل ESP) ) أكبر من 15 % وتركيز الأملاح بها أقل من 4 ملليموز / سم ، وتركيز الإيدروجين فيها PH) ) أكبر من 8.5 وهذه الاراضى عديمة البناء  ومحببة ، بطيئة الرشح ، رديئة النفاذية للماء .و لذلك فهي شديدة الاندماج عند الجفاف و يحدث بها شقوق واسعة حادة و قشور سطحية تؤدى إلى تمزيق جذور النباتات النامية .

 


واضاف محمد الاراضى أنه لا بديل عن عملية الغسيل للتربة من خلال إنشاء شبكة صرف جيدة بعد تحليل عينات التربة لمعرفة ملوحة التربة قبل الغسيل وذلك لتحديد كمية الأملاح المطلوب التخلص منها لافتاً إلى أن الأمر يستلزم  التخلص من الصوديوم الزائد عن 15 % من نسبة للكتيونات المدمصة والتي تفرق حبيبات التربة مما يؤدى إلى تحسين خواص التربة ولتحقيق ذلك  يجب مراعاة متابعة تحليل عينات التربة مع مراحل التحسين حتى يصل تركيز الأملاح في عجينة التربة المشبعة إلى ما قبل 4 ملليموز / سم يتم  إضافة الجبس الزراعي أو الكبريت حسب الكميات المطلوبة لضمان نجاح نتائج المعالجة بالشكل المطلوب.

 

 

وفى سياق متصل أكد الدكتور مجد المرسي وكيل وزارة الزراعة فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية أون لاين ، ندرك تماما معاناة أهالى قرية الزيات فيما يتعلق بصعوبة الزراعة داخل زمام القرية نظرا لارتفاع عناصر القلوية والأملاح  المترسبة بشكل يؤثر سلبا على نسب الإنتاج وجودة المحاصيل.

 

واضاف المرسي أن أراضي الزيات تتبع فى ولايتها الهيئة العامة للتنمية الزراعية وبالرغم من ذلك يسعى جاهدا لتقديم أوجه المساعدة الإشرافية من متابعة وإرشاد زراعى لضمان تحسين مستوى الإنتاج .

 


واضاف المرسي بأنه يجب على المزارعين التحلى بالعزيمة واتباع ارشادات مركز البحوث الزراعية فيما يتعلق بطرق معالجة الأراضي القلوية مشيرا إلى أهمية ذلك فى ظل  نجاح تجربة إضافة الجبس الزراعى الى الأرض القلوية عند البعض منهم وارتفاع معدل الإنتاجية بالعديد من المحاصيل كالبرسيم الحجازى والذرة والقمح وغيرها وذلك عن طريق إضافة كبريتات الكالسيوم اللازمة لمعادلـة كربونات الصوديوم بعد حرث الأرض حرثا عميقا وغمرها بالماء بطريقة الغسيل الجوفى حيث لا ينبغـى صرف الماء بالمصرف حتى لا يضيع جزء من الجبس الزراعى .

 

وتابع أنه لابد من إضافة الأسمدة العضوية بكميات كبيرة وذلك لتحسين خواص التربة إلى جانب الإهتمام بشبكة الصرف جيدا حتى لاتعود الملوحة مرة أخرى

وهو ما يستلزم توزيع ماء الرى بصورة منتظمة على سطح الأرض وأن تروى الارض ريا غزيرا أثناء طور البادرة الذى يعتبر أكثر اطوار النبات تأثرا بالملوحة مع مراعاة
إتباع دورة زراعية مناسبة وسليمة.



 


 
 


جديد الأخبار